حوار الأمين العام لاتحاد المحامين العرب "لأفق "
عانت أمتنا العربية المجيدة خلال عقودٍ طويلة من حالات اضطهاد واستعمار، فكان حرىٌ بهذه الأمة العريقة صاحبة أقدم الحضارات أن تلد أبناءاً جعلوا طريقهم النضال، وجعلوا تحقيق المستحيل هدفاً لهم، وكان همهم الكبير حماية الأمة وخلاصها من كيد الكائدين ومكر الفجار، ففى حقبة من الزمان اجتمع نبتٌ طاهرٌ من أبناء أمتنا العربية الغراء، وعقدوا عزمهم بأن يقيموا ببيت الأمة جداراً مانعاً تحتمى به الأمة من تدابير ومؤامرات وسهام أعدائها، يكون قوامه العدل، ولبناته الحق، و حراسه هم خيرة أبناء الأمة من المحامين الأخيار، فكان التفكير فى تأسيس كياناً عربياً جامعاً للقانونيين العرب، ويأتى القرار فى أربعينيات القرن التاسع عشر، و قبيل إنشاء جامعة الدول العربية، وتحديداً فى العام ١٩٤٤ م، والقاضى بتأسيس أول اتحاد شامل وجامع للكيانات القانونية فى شتى بقاع وطننا العربى، يكون مسماه "اتحاد المحامين العرب"، ليتحقق الحلم الذى أصبح واقعاً ملموساً، ويصبح "اتحاد المحامين العرب" أحد أهم المنظمات العربية والدولية، و الذى يحوى عدد من جمعيات و نقابات المحامين المنتخبة على مستوى الوطن العربى ، واختيار مصر لأن تكون دولة المقر الرئيسى لهذا الاتحاد بموجب ما نصت عليه لائحة النظام الأساسى المنظمة لعمل الاتحاد.
ويعد اتحاد المحامين العرب من المنظمات الدولية الغير حكومية، ويتمتع بالصفة الاستشارية بالمجلس الاقتصادى والاجتماعى بالأمم المتحدة، وكذلك فإنه يتمتع بصفة مراقب فى العديد من المنظمات الدولية والإقليمية كمنظمة اليونسكو، المنظمةالعربية للتربية والثقافة والعلوم ، والاتحاد الإفريقى ،و المجلس الاقتصادى والاجتماعى بجامعة الدول العربية أيضاً ، كما أن اتحاد المحامين العرب عضواً فى نقابة محامى المحكمة الجنائية الدولية، وعضواً فى الاتحاد الدولى للمحامين بفرنسا، وعضواً بتحالف (الكونسورتيم) الدولى للمساعدة القانونية.
وتقلد العديد من مشاهير المحامين العرب الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب على مر العصور ومنذ إنشائه، إلى أن تمخضت الانتخابات الأخيرة عن نتيجتها التى جاءت مبشرةً بأمينها العام الحالى، وابن دولة الكويت المحامى الشاب ناصر حمود الكريوين، ليكون الفارس النبيل الذى ارتقى مكانةً غالية، وتقلد منصباً عالياً ومنزلةً سامية، بأن نصب أميناً عاماً لاتحاد المحامين العرب، حاملاً لواء أمته فى صمودٍ وصمت، متحملاً لقضايا أمته العربية ، عاقد العزم، متقد الهمة، واثقةً خطاهُ، متسلحٌ بعروبته، مؤمنٌ بأنه لايموت حقٌ وراءه مُطالب، همه وشغله الشاغل عروبة القدس، وزوال الاحتلال من أرض فلسطين.
وكانت "أفق" قد انفردت بحوار من القلب مع الأستاذ ناصر الكريوين الأمين العام لاتحاد المحامين العرب ، وهذا نصه :
حوار : محمد السعيد
"وارسو وقضية فلسطين "
*هل ترى أية مكاسب سياسية حققها مؤتمر حلف وارسو والقضية الفلسطينية في ظل أن الكثير ارتأوا أن المؤتمر لم يحقق الحد الأدنى من المكاسب وإنما كان في شكله العام شبه تطبيع مع الكيان الصهيوني ؟
القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وأن أي اتفاقات تدور في منحى آخر عن هذه القضية تعتبر قتلاً لهذه القضية ونسيانها، وهذا أمرٌ لا يقبله الاتحاد وأقول أن الاتحاد لا شأن له بما يدور في مثل هذه الاجتماعات، وبوجود رئيس الكيان الصهيوني في اجتماع" وارسو" الأخير مع وزراء الخارجية العرب او من يمثلهم، فإننا كاتحاد المحامين العرب نرى أن هذا الاجتماع لا يمثل امام الكل إلا أنه تطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين، وهذا أمر مرفوض بالنسبة ولا نقبل به أبداً،و لابد لنا أن نضع في اعتبارنا دائماً إيجاد حلاً نهائياً للقضية الفلسطينية بديلاً عن التسوية .
"قرار أمريكا الجائر "
*أعلنت الإدارة الأمريكية في وقت لاحق من العام الماضى أنها اخذة فى تقليل الدعم الذى تمنحه لمنظمة الأنروا لدعم وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فيما اعتبر قرارًا سافراً بحق الفلسطينيين وحق العرب .. كيف تنظر لهذا القرار ؟
أرى أن هذا القرار كان بمثابة عامل ضغط على السلطة الفلسطينية لتستجيب لأكبر مطالب الكيان الصهيوني، والمتمثل فى الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني من دون فلسطين، وهذا ما لا نقبله، ولن نقبل يوماً ما أن تخضع فلسطين وشعبها للاحتلال، وأجد أنه لن تُحل القضية الفلسطينية إلا بخروج هذا المستعمر وهو الكيان الصهيوني الغاصب، أما بالنسبة للمساعدات التي تقدمها الإدارة الأمريكية ومنظمة الأنروا فلا أجدها إلا أنها مساعدات تلبي بعض المطالب أمام السلطة الفلسطينية وانا أرى أنه فى حين توقفت الإدارة الأمريكية عن دعمها الذى يوجه إلى الفلسطينيين، فإن جامعة الدول العربية ممثلة فى أعضائها من الوطن العربي ستكون أقدر على دعم أبناء الشعب الفلسطيني، وأجد أنه لو كان هناك تحركاً من قبل الشعب العربي، وكما أعلن في أوائل الثمانينات والسبعينات باستقطاع دولار واحد من كل موظف في الوطن العربي فلن تحتاج فلسطين والشعب الفلسطيني الي الإدارة الأمريكية أو حتى مساعدة البنك الدولي.
*كيف ترى قرار الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها إلى القدس اعترافًا منها بأن القدس عاصمة للكيان الصهيوني ؟
أولاً القدس عليها نزاع قانونى بحسب ما هو موجود بالملف الخاص بالأمم المتحدة وما قامت به الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها إلى القدس، إنما يعد مخالفة صريحة للمواثيق والمعاهدات ومخالفة للقانون الدولى، وأن استخدام الإدارة الأمريكية لحق النقد "الفيتو" وعدم اكتراثها للرفض الدولى الذى قابل قرارها من قبل دولاً أخرى، وإصرارها على نقل سفارتها إلى القدس هو ما أدى إلى وجود المخالفة القانونية وإن كانت الإدارة الأمريكية لا تعترف بالمواثيق والمعاهدات والقانون الدولي.
"الجدوى من مؤسساتنا العربية والإقليمية "
* بماذا ترد على أصحاب الرأى القائل بأن المنظمات العربية التي أسست لتبنى القضايا العربية والدفاع عنها كالجامعة العربية واتحاد المحامين العرب مثلاً، باتت لا تحقق المرجو منها؟
لا يمنع بأي حال من الأحوال أن يتسلل مثل هذا الكلام إلى الشارع العربى كنوع من اليأس، لكنى أجد أن الجامعة العربية لها عمل خاص بها تقوم به ولها ميثاقها الخاص بها ، لكننا كاتحاد للمحامين العرب فنحن ملتزمون بقرارات المكتب الدائم، وما يصدر عنه من قرارات وتوصيات، واعضاء هذا المكتب يكونوا من النقابات العربية، وما نقوم به كاتحاد المحامين العرب يختلف عما تقوم به الجامعة العربية، ولو أننا نتفق في القضايا، لكن في طريقة تحركنا فإننا لدينا تحركات خاصة. أما بشأن عدم تعاون بعض من الدول العربية فإن هذا يحتاج إلى إعادة فتح قنوات أخرى مع هذه الدول حتى يكون هناك اجماع واتفاقاً على طريقة التحرك.
وإجابتى على السؤال تتلخص فى أن اتحاد الشكوى التى قدمها اتحاد المحامين العرب إلى المدعى العام والمحكمة الجنائية الدولية وبادر بتقديم هذه المذكرة وبتوقيع من المحامين العرب ممن هم أعضاءً بالنقابات المنتشرة بأرجاء الوطن العربى، وسيتم طرح هذه المذكرة خلال انعقاد المؤتمر العام المزمع عقده بتونس فى الخامس عشر من مارس المقبل، وسيتم التوقيع عليها من الحضور فى هذا المؤتمر، وأن هذه المذكرة تعد المرحلة الثانية لتقديم الشكوى أمام المدعى العام لإلزامه ببدء التحقيق فى الجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني .
* البعض يقول إن قضايانا العربية ومشكلاتنا لن تحل إلا بالوحدة بين شعوب الوطن العربى سواء كانت وحدة سياسية أواقتصادية.. فكيف تتحقق هذه الوحدة من وجهة نظرك ؟
أتوقع أن ما طرح صحيح لكنى أميل إلى تحقيق الوحدة الاقتصادية لأنها وببساطة رؤية العالم المتحضر حالياً ورؤية المستقبل القادم بأن تكون الدول العربية تنتمى إلى منظومة واحدة فى إطار اقتصادى واحد ، فإن ذلك يعد دعماً لمواردها وتحملاً لمسئوليات الدول الأخرى قليلة الموارد حتى يكون لديها معدل من الاكتفاء الذاتى لعدم احتياجها وعدم وقوعها تحت ضعوطات خارجية كما يحدث اليوم لكثير من البلدان العربية التي وقعت تحت إملاءات البنك الدولى علماً بأن البنك الدولى ضاعف ما لديه من مديونيات على هذه الدول إرهاقاً لها لعدم مقدرتها على سداد مديونياتها، فكان الأولى أن يكون العمل اقتصادياً مثمثلاً فى وحدةٍ اقتصادية، وأذكر أن هذا المشروع قد تمت مناقشته فى الدول العربية أتوقع منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، وكان واجب عليهم تفعيله، و اتحاد المحامين العرب كان له دور كبير في هذا الشأن، ولعل مؤتمر وجدة ليس ببعيد ففي اجتماع المكتب الدائم في 2018 أوضحنا أن من ضمن الأمور الفاعلة فى الشأن الاقتصادى بالوطن العربى وكيفية تسييره،و قدمنا تصوراً للأمانة العامة لجامعة الدول العربية حتى يتم النظر فيه من قبل وزراء الخارجية العرب ووزارء التجارة العرب لأن فكرة الوحدة العربية لا تزال تراودنا وموجودة إلى اليوم، ولابد من خلق فرص عمل جديدة للشباب وخلق استثمارات جديدة لخلق روح جديدة فى منظومة العمل العربي المشترك ولوجود تلاحم للكيان العربى ببعضه حتى لا يتم اختراقه.
* نعلم أن فى كل منظومة خلافات ومشكلات تأخذ ضرباً من التنافسية.. هل نالت امانتكم نصيباً من هذه المشكلات ؟
أقولُ أن العمل النقابى هو عملٌ تنافسى بين الزملاء وبعضهم، واستحالة أن تجد التنافسية في العمل بالقطاع الأهلى والمنظمات الدولية الأهلية، ولطالما كان أساس العمل النقابى هو الانتخابات، فكان قرار تنصيبى منذ عام واحد، وذلك بعد انتخابي، وهممت بأن وضعت خطة أسير عليها خلال فترة تقلدى للأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب ونجحت فى ذلك، وإلى الآن لم أجد ثمة عرقلة لمسيرة العمل من قبل الزملاء، بل وجدت التعاون والأفكار ورؤية جديدة فى العمل وهناك اتفاق على الرؤية التى تقدمت بها منذ العام 2017 ونسير عليها إلى اليوم ولدينا برنامج هادف وطموح للارتقاء باتحاد المحامين العرب وهو برنامج مهنى وسياسى.
* لماذا المحامون تحديداً يغلب عليهم الطابع الثورى وتجدهم من أوائل الناس الذين يقودون الاعتصامات؟
المحامى هو حامل لواء العدالة وفى دول أخرى يطلقون عليه أحد أجنحة العدالة ونحن نراه فى موقعنا هذا هو القاضى بنفسه، لأسباب كثيرة ووجوده في الاعتصامات والتظاهرات هو تعبير سلمى من قبله فى حدود "القانون" ولمعرفته وإلمامه بهذه القوانين، فإنه يقوم بعرض مطالبه وطرح المشكلات وما يطرحه من قضايا وإلمامه بالقوانين فتجد دفاعه فيه نوعاً من الحماس لانه يدافع عن القانون وعن تطبيق صحيح القانون، حتى يتم وضع حلول نهائية وقانونية لهذا الأمر، أما بشأن أنهم ثوريون فلا أعتقد أن هذه الإثارة أو هذا الاندفاع إلا صرخة ألم لأصحاب حق إذا كان هذا الحق له أو كان مدافعاً عنه.
و أجد أن ثورة المحامى إنما تكون من أجل حماية حقوق الآخرين وحقوق المجتمع ،ولا يتهاون بشأن حقوق الآخرين.
* منذ توليكم لمنصبكم الحالى كأميناً عاماً لاتحاد المحامين العرب بمقره الدائم بجمهورية مصر العربية هل وجدتم الدعم اللازم من قبل الدولة المصرية لإدارة شئون الاتحاد ؟
لم نجد عقبات في جمهورية مصر العربية بل بالعكس أجد أن مصر هى بلد المنظمات واتحاد المحامين العرب أنشئ بمصر كونها دولة المقر وبموجب اتفاقية المقر التى تمت مع وزارة الخارجية في سنة 1944 وتواتر عليه لفيفٌ الأمناء السابقين، وما لمسته أنا من تعاون أثناء اتصالنا أو مخاطبة الجهات الرسمية بالدولة لإنهاء الإجراءات، فتتم فى سلاسة ويسر وبحسب طبيعة الإجراءات القانونية، وإذا ما كانت تحتاج إلى مخاطبات لإنهائها.
* أما آن لاتحاد المحامين العرب كمنظمة عربية رفيعة المستوى، وتضم في طياتها أعضاء من كيانات قانونية مهمتها الدفاع عن حقوق الشعب العربى بأن تمنح الطابع الدبلوماسي مثل جامعة الدول العربية والبرلمان العربى ؟
اتحاد المحامين العرب له كيفية فى شكله العام وجوهره ويتضح ذلك فى نظامه الأساسى، والذى يجعل طبيعة عمله سياسية ومهنية، ولعل الدبلوماسية هى الطريقة المثلى للتفاوض، ونحن كمهنيين نمارس الدبلوماسية كثيراً فى عملنا، لكن لدينا مبادئ عامة واضحة وخطوط لا نستطيع أن نتعداها فى طريقة عملنا.
وأجد أن لدينا العديد من القضايا العربية التى لا نقبل بالتفاوض فيها مثل قضية فلسطين وعاصمتها القدس وكذلك الأراضى العربية التى أخذت بوضع اليد عليها، فهى أيضاً لا تفاوض عليها.
وأرى دائماً أن طبيعة عمل المحامى يغلب عليها الطابع السياسى، وقد يحتاج فى بعض الأحيان إلى ممارسة الدبلوماسية إلى جانب السياسة للوصول إلى هدفه من القضية المطروحة محل النقاش، لكن اللائحة المنظمة لعمل الاتحاد تغلب عليها الطابع المهنى والسياسى أكثر من الدبلوماسى.
"لقاء بشار الأسد"
* خلال متابعتى لأخبار تحركاتك فى العديد من الدول العربية مؤخراً وجدت أنكم التقيم بالرئيس السورى بشار الأسد بأحد الإجتماعات فى سوريا منذ اشهر قليلة.. حدثنا عما دار فى الاجتماع ؟
بشأن اجتماع سوريا جاء بناءً على قرار من المكتب الدائم لاجتماع اللجنة الدائمة لتعديل النظام الأساسى للاتحاد، وهذه اللجنة شُكلت فى سنواتٍ سابقة وكان هناك قرار سابق على غرار قرار اللجنة الماضية يقضى بتأكيد المكتب الدائم السابق الذى عقد فى وقت سابق ب"وجدة "بالمملكة المغربية، على هامش اجتماع اللجنة فى نوفمبر الماضى من العام ٢٠١٨م، لتتم الموافقة عليه بالإجماع، ولكونى الأمين العام فلابد أن أكون متواجداً فى هذه اللجنة وحضورها وتقديم ما يجب تقديمه بشأن التعديلات التى تمت، ثم تأجلت الزيارة إلى يناير من العام الحالى لأسباب إقامة عدد من الفعاليات الأخرى، والتى تواترت فى ذلك الحين وأثناء تواجدنا بنقابة محامين سوريا و التى تمت بدعوة منها، اجتمعنا فى النقابة، وعقب ذلك الاجتماع التقينا بالرئيس بشار الأسد وأثناء هذا اللقاء قدمنا له عدة مبادرات أهمها أن الشارع العربى لا يهمه سوى " وحدة سوريا" وأمنها واستقرارها وأمن شعبها، وطلبنا من الرئيس السورى ضرورة العفو العام عن المعتقلين والمطلوبين، كما طالبناه بتسهيل عودة النازحين من دون ملحقات لهم، وقلنا له أنه لن يتم أعمار سوريا إلا بوجود شعبها، فى ظل وجود ٦ ملايين و٨٠٠ ألف نازح سورى فى أنحاء متفرقة من العالم.
فاليوم لا نتكلم بالعاطفة ولكن ينبغى أن نتكلم بالعقل، فالأوضاع فى سوريا منذ عام 2011 احداث وإلى اليوم من سيئ إلى أسوأ، فلا يوجد فائز ولا يوجد منتصر، إنما هناك خاسر و هو الشعب السورى والوطن العربى، فلا لنا فى الأساس أن نعطى الحق لمن له الحق و أن نكفل حقوق المواطنة الدستورية وكذلك طالبنا الرئيس السورى بأن ينشئ دستوراً للبلاد وان يكون توافقياً مع الشعب السورى.
* كيف كان رد الرئيس السورى بشار الأسد على مطالبكم بشأن الإفراج والعفو عن المعتقلين السياسيين في السجون السورية و كافة المطالبات التى تقدمتم بها ؟
تقبل المبادرة وقال أنه سيتم النظر فيها بعين الاهتمام وأجد أن ما أهم طرحناه من مطالب فى ذلك اليوم هو مبادرة "لم الشمل" وهو الطلب الذى قدم من قبل اتحاد المحامين العرب، وإن شاء الله ستلقى هذه المبادرة قبولاً فى حال عرضها على الحكومة السورية من قبل الرئيس وسيتم تحديد طريقة القبول والموافقة عليها.
وأجد أننا تقدمنا في هذه الرسالة بما هو واجب علينا وعلى الحكومة السورية أن يفكروا فى هذه الرسالة ويعرفوا أنها تصب فى مصلحتهم، ولا بد لهم من أن يضعوا فى اعتبارهم لم الشمل ووحدة وتوحيد الأوطان العربية، وضرورة إنهاء النزاع الذى أرهق كثير من مدارك الوطن العربى وكلفهم مادياً ومعنوياً، بالإضافة إلى كثير من الأرواح البشرية التى أزهقت.
"جولات وزيارات"
* قمت بمجموعة من الجولات المكوكية مؤخراً داخل القطر العربى وخارجه.. صف لنا مادار خلال تلك الجولات ؟
بدأت جولاتى بتلبية دعوة من الاتحاد الدولى للمحاميين فى البرتغال فى مدينة" بورتو" والتقيت على هامش هذا الاجتماع بالمحامين العرب المقيمون فى أوربا، وطرحنا موضوع القضية الفلسطينية فى لجنة حقوق الإنسان بالاتحاد الدولى ، وبالرغم من أنه كان هناك نزاع قائم على عرض هذا الملف ، إلا أنه تم الإصرار على تبنى القضية وإدراجها كأحد البنود التى وضعت، وكان هناك مشاركة وتفاعل من الزملاء المحامين العرب أثناء سير الجلسات ، وبعد ذلك اللقاء سافرت إلى تونس مع المعهد العربى لحقوق الإنسان والأمم المتحدة وشئون اللاجئين ووضعنا خطة لعام ٢٠١٩ م، ومن ثم بعد ذلك قمت بالسفر إلى لشبونة لحضور اجتماع اتحاد الحقوقيين الديمقراطيين الدولى، وكانت الفعالية بعنوان"سبعون عاماً على إنشاء حقوق الإنسان"، وكانت القضية الفلسطينية من القضايا المطروحة فى هذا الاجتماع، وحضرت مع السفير الفلسطينى، وقام بعرض موضوعهم، كما تم طرح العديد من القضايا والتوقيع عليها من قبل الاتحاد الدولي للحقوقيين الديمقراطي، وقد أظهروا تعاوناً واضحاً منهم بتوقيع وثيقة بشأن فتح تحقيق لدى المدعى العام فى المحكمة الجنائية والجرائم المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني.
* مالمساعى التى اتخذتموها على عاتقكم لتطوير منظومة اتحاد المحامين العرب منذ بداية تقلدكم لمنصب الأمين العام للاتحاد؟ وما هو المستهدف خلال الفترة القادمة؟
ما قمنا بعمله خلال الفترة الماضية هو وضع برنامج وهيكل تنظيمى لعمل الاتحاد فى المستقبل ومن ضمن هذه البرامج : جدول برنامح عمل الاتحاد لعام ٢٠١٩ م، ثم القضايا العربية وكيفية العمل معها بعد متابعة إنشاء مركز الخبراء الدولى لملاحقة الجرائم وتمت الموافقة عليه من المكتب الدائم فى "وجدة" فى العام ٢٠١٨م فى أكتوبر الماضى، وهذا المركز سيتم تشكيله في المؤتمر العام من قبل خبراء دوليين وعرب لملاحقة مرتكبى الجرائم، ومعرفة كيفية تقديم تلك الشكاوى ومتابعته، وسيكون بتكليف من الاتحاد ودعماً منه.
أما المسيرة القادمة مستقبلاً هى مسيرة عمل مهنى وسياسى، و المقصود بالعمل المهنى هو تطوير المحامى العربى وارتقائه، والتواصل مع المحامى العربى سيكون عن طريق الاتحاد أما فيما يتعلق بالشق السياسى فهو متابعة القضايا العربية وما يهم الشأن العربى والمجتمع العربى والدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، وهذا شغلنا الشاغل خلال الفترة القادمة.
* من وجهة نظرك وأنتم على رأس الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب.. هل تجد أن عمل المحامى عموماً فى الوطن العربى أصبح مقيداً بما يجعله لايعمل فى مناخ من الحرية وهو مايجعله لايقدر على القيام بمهام عمله على أكمل وجه بسبب إملاءات تملى عليه؟
المحامى هو الشخص الذى لديه الأحقية فى اختيار ما أن يعمل بحرية أو يكن مقيد، ومن يريد أن يكون مقيد سيقيد نفسه، أما من يريد أن يعمل بحرية سيعمل بحرية، فمهنة المحامى إنما هى متابعة ومراقبة تطبيق القانون، وليس عليه الصراع أو التصادم، وما يقوم به المحامى من عمل فهو إثبات الإجراءات الصحيحة، وأما إذا أملىَّ عليه رأى أو إجراءات غير صحيحة فهى لا تتم إلا بموافقته ومعرفته، وتتوقف على ما يمليه عليه ضميره وان قبلها هل قبولها لمصلحته الخاصة أم لمصلحة موكليه، وتختلف هذه الإجراءات التى لن يقدرها أى شخص حتى الأمانة العامة، وإنما يقدرها المحامى نفسه، وتخضع لرؤية المحامى في بدائية أسبابها كثيرة، ويجب أن يتمتع المحامى بحصانة خاصة أثناء تأدية عمله، وهذا لايحدث إلا بنقابات معينة فى الوطن العربى، ولابد من وجود استقلالية خاصة لمهنة المحاماة، كما يجب عدم التدخل فى عمل المحامى، وعمل المحامى إنما هو محكوم فيما يقوم به من عمل، وما يشاع بأنه يحظى بمساندة الدولة أنها تقوم بهذا العمل لتخفيف أعباء عن المجتمع، فهذه نظرة خاطئة لأن من يخفف الأعباء عن المجتمع هى الإدراة أو النقابة أو الجمعية التى تعنى بشأن المحامى، ذلك لأننا لدينا إدارة خاصة هى إدارة المعاونة القضائية والتى يرأسها وتكون من ضمن لجانها محاميين يعملون في الشأن القانونى فلو يسقط هذا العمل القانونى من قبل الإدارة لا يحق للمتضرر أن يرجع الإدارة إنما لو يسقط الحق من هذه اللجنة، فعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء بحق هذه اللجنة في مقرها الصحيح، وقدمنا مشاريع للجان الوزارية وكذلك قدمنا إلى البرلمان العربى قانوناً بشأن حصانة المحامى وإجراءاتها وإيجاد فرص عمل للمحاميين الجدد كرؤية كاملة، وسيتم لقائهم فى اجتماع بالعاصمة الأردنية" عمان" فى أوائل مارس المقبل، وسيكون اللقاء مع الأمين العام لاتحاد البرلمانيين العرب، وستتم مناقشته فى شأن بعض القوانين الخاصة فى مهنة المحاماة وهذا بشكل عام عن المحامى .